مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي.)
ليز دوسيت: قلت جلالتكم خلال السنوات الماضية أن الأردن لا يستطيع أن يستوعب المزيد والمزيد من اللاجئين السوريين. فما الذي تود قوله لأوروبا؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: بالنسبة لما يشعر به شعبي، كما أعتقد، فإن الأمور وصلت إلى مرحلة حرجة، فهم يعانون ويحاولون أن يجدوا فرص العمل، والحكومة تعاني أيضا من الضغط الهائل على البنية التحتية، وهناك انعكاسات سلبية على قطاعي التعليم والصحة. يحاول الأردنيون والأردنيات أن يستمروا في حياتهم، وعاجلاً أم آجلاً، فإن صبرنا سينفد. هذا الأسبوع هام بالنسبة لنا [في إشارة إلى مؤتمر لندن للمانحين] ولنعلم إن كان الدعم قادماً، ليس فقط من أجل اللاجئين السوريين، ولكن من أجل تحسين وضع ومستقبل شعبنا الأردني أيضا.
ليز دوسيت: هل رسالتك إلى أوروبا هي "كفى"، وأن الأردن قد تحمل وقام بما فيه الكفاية؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: الرسالة التي كنت أحاول إيصالها لأصدقائنا أن هذا ليس مجرد مؤتمر حول اللاجئين السوريين، بل إنه من وجهة نظرنا، وكما آمل، مؤتمر حول كيفية تحسين حياة أبناء وبنات شعبنا. وإن لم يتحقق ذلك، فإن الأردن سيشعر بالخذلان من الجميع.
ليز دوسيت: الضغوط تتراكم عليكم منذ سنوات، لكن أوروبا لم تتفهم ذلك إلا عندما وصل ما يزيد عن مليون لاجئ إلى حدودها؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: لسوء الحظ، كانت العديد من الدول الغربية، في السنوات الماضية، تقول إنها ممتنة للأردن لاستقباله اللاجئين، ويقولون: نحن نعجز عن فهم كيف استطاع الأردن استيعاب هذا العدد من اللاجئين، وحجم ما قدمه لهم. وفي نفس الوقت يتساءلون إن كان باستطاعتهم أن يقوموا بما قمنا به، لو كانوا مكاننا. هذه كلمات رائعة، ولكنها ظهرت فقط عندما بدأ اللاجئون يصلون إلى شواطئ أوروبا، حيث بدأت تثار مثل هذه التساؤلات، وحينها أدرك الأوروبيون حقيقة التحديات التي نواجهها.
ليز دوسيت: هل خذلكم المجتمع الدولي؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: إن 25 بالمئة من موازنة الأردن، خلال السنوات الماضية، تنفق للتعامل مع التحديات الناجمة عن أزمة اللاجئين السوريين. لقد وصلنا دعم من الدول المانحة، وبعضها قدمت مساعدات استثنائية. وأفضل عام شهدناه من حيث حجم الدعم كان العام الماضي، إلا أنه لم يشمل أكثر من 35 بالمئة من كلفة استضافة اللاجئين. وبشكل عام، فإننا ننفق ما يعادل ربع موازنتنا لتغطية الفرق.
ليز دوسيت: هل هذا يعني أن هذا الأسبوع بمثابة خط أحمر؟ يقول خلاله الأردن: إذا لم توفروا [أي المجتمع الدولي] مساعدات لنا على المدى البعيد لدعم اقتصادنا، وإن لم تمنحونا إمكانية الدخول إلى الأسواق الأوروبية، فلن نستطيع أن نستقبل المزيد من اللاجئين السوريين. هذا ما قاله رئيس وزرائكم: هذا ما لدينا وهذه لحظة الحسم، ونحن من يضع الشروط. لن نستقبل لاجئين سوريين ما لم تكن هنالك مساعدات بعيدة المدى.
جلالة الملك عبدالله الثاني: هو خط أحمر. نعلم أن أهمية الأردن تكمن في أنه عنصر استقرار في المنطقة والعالم. المجتمع الدولي يتوقع منا دائماً أشياء تفوق إمكانات بلدنا، فنحن جزء من تحالف ضد الإرهاب، ليس فقط في سوريا والعراق، بل أيضاً في العالم أجمع. وفي كل مرة يتوجه فيها المجتمع الدولي للأردن للمشاركة في معركة ضد قوى الشر، فإننا لا نتوانى أبداً عن المشاركة.
إن ما نطالب به المجتمع الدولي، ولأول مرة، هو مساعدة الأردن، الذي طالما وقف إلى جانبكم ودعمكم بقوة، فلا ترفضوا مساعدته.
ليز دوسيت: وماذا لو قالوا "لا" لمطلبكم، بمعنى عدم توفير مساعدات كافية؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: سيكون حينها علينا أن ننظر للأمور بطريقة مختلفة. فكيف يمكن لنا أن نساهم في الاستقرار الإقليمي إذا تخلى عنا المجتمع الدولي؟ هم يدركون أنهم إن لم يساعدوا الأردن، فإنه من الصعب عليهم أن يتعاملوا مع أزمة اللاجئين. جميع الزعماء الذين تحدثت إليهم يدركون تماماً أنه بمساعدتهم للأردن، فإنهم بذلك يساعدون دولهم، وأن هذا يصب في مصلحتهم.
وفي هذا المؤتمر، كما في غيره من المؤتمرات، تبرز الإشكالات عند الخوض في التفاصيل الفنية. أعتقد أن قادة المجتمع الدولي لديهم رغبة في مساعدتنا، ولو نظرنا إلى البلدان الرئيسة المشاركة في مؤتمر المانحين، نجد أن الإرادة متوفرة لديهم، ولكن علينا تجاوز التفاصيل الفنية لكي نضمن أن نحصل على شكل المساعدات الضرورية لبلدنا.
يجب أن يشعر الشعب الأردني أن عام 2016 هو بداية التحسن في مستوى معيشته، وإلا فإنه سيكون من الصعب علي أن أنظر في عيون شعبي وأن أقول لهم إن الغد سيكون أفضل. هذا هو التحدي الذي نواجهه.
ليز دوسيت: لقد التقينا مع عدد من الأردنيين في ثاني أكبر مدنكم، وهي مدينة إربد. العديد منهم اشتكى من عدم توفر فرص العمل بسبب العدد الكبير من السوريين. سألتهم: ماذا تريدون أن تقولوا لجلالة الملك، قالوا: نشعر بالأسف لظروف السوريين، ولكننا نطالب بتوفير فرص العمل لنا.
جلالة الملك عبدالله الثاني: إن ما يتمتع به الأردن من كرم ضيافة معروف منذ عقود، فقد احتضنا برعايتنا موجات تلو الموجات من اللاجئين، ولكن عليك أن تدركي أن الأمر لا يتعلق فقط باللاجئين السوريين الذين يشكلون 20 بالمئة من عدد السكان، بل علينا أن نذّكر المجتمع الدولي أن حوالي 90 بالمئة منهم يعيشون خارج المخيمات، ويشكلون ضغطاً على البنية التحتية والمستشفيات والمدارس، وقد ارتفع إيجار العقارات في العديد من المناطق بنسبة 300 بالمئة.
ولذلك، فإن موقفنا في مؤتمر لندن هو: أننا ندرك أن القضية الرئيسة هي اللاجئون السوريون، ولكن إن لم يتم طرح موضوع مستقبل الأردنيين والمشاكل التي يعانون منها جراء اللجوء السوري، فإن مؤتمر لندن سيشكل خذلاناً لنا.
ليز دوسيت: يقول المجتمع الدولي إنه سيفعل المزيد، ولكن على الأردن أيضاً فعل المزيد، ويشيرون إلى ما يعانيه اللاجئون السوريون هنا، حيث لم يحصل إلا واحد بالمئة منهم على تصاريح عمل. قد يكون هذا أحد أبرز المطالب من الأردن خلال مؤتمر لندن، أي منح المزيد من تصاريح العمل لتوفير مستقبل أفضل للاجئين، الذين يعيش غالبيتهم تحت خط الفقر؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: وكذلك هناك عدد متزايد من الأردنيين يعيشون تحت خط الفقر. دعيني أؤكد من جديد أهمية وجود نهج أكثر منطقية قائم على العمل كفريق من أجل توفير ثلاثة عناصر تعالج هذا الواقع. أولها توليد عدد أكبر من فرص العمل لكل من الأردنيين والسوريين.
إن اللاجئين، عندما يأتون إلى بلد، يتوقع أن يمكثوا فيه فترة طويلة، حيث تشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن المدة المتوقعة لمكوث اللاجئين في أي دولة هي 17 عاماً على الأقل. وفي الوقت الذي نتوجه فيه إلى هذا المؤتمر، فإننا نقول للمانحين: إن أردتم أن توفروا فرص عمل للسوريين، فيجب أن توفروا فرص عمل أكثر وأكثر للأردنيين.
إننا ذاهبون للمؤتمر حاملين هذا الطرح: لا يمكنكم، أي المجتمع الدولي، الاهتمام بالسوريين وتجاهل الأردنيين، وهذا الجزء الأهم في المعادلة.
يوجد لدينا 130 ألف طالب سوري التحقوا بالمدارس، وهنالك تقريباً 90 ألفاً ممن لم يلتحقوا أبداً، و30 ألفاً ينتظرون الالتحاق بالمدارس.
ولذا، فنحن بحاجة إلى دعم للبنية التحتية لتعزيز نظام الرعاية الصحية ونظام التعليم. لقد أصبحنا ثاني أفقر دولة في العالم من حيث وفرة المياه، بسبب الضغوطات المتزايدة من اللاجئين. أما الجزء الثالث فهو موضوع المنح. لدينا فجوة 25 بالمئة في موازنتنا وعلينا تغطيتها.
ليز دوسيت: وبرغم كل ذلك تتعرضون للضغط لاستقبال المزيد من اللاجئين السوريين، حيث أن هناك الآلاف ممن تقطعت بهم السبل في المنطقة المحاذية للحدود مع سوريا. هل ستسمحون لهم بالدخول؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: نستقبل تقريباً 50-100 منهم يومياً. ولأسباب أمنية، فإن هذا هو العدد المنطقي الذي نستطيع أن نستقبله، وهذا ما يحصل في أي يوم اعتيادي.
ليز دوسيت: ما هو الجانب الأمني في هذا الموضوع؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: الجانب الأمني هو التأكد من أن من يعبر الحدود إلينا لا ينتمون لعصابة داعش الإرهابية، أو أي تنظيم إرهابي آخر.
ليز دوسيت: هل لديكم دليل على أنهم مرتبطون بداعش أو ما يسمى الدولة الإسلامية، وأنهم يحاولون العبور إليكم؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: إنهم يحاولون أن يدخلوا منذ بدء الأزمة، وما نقوم به هو إجراءات معتادة لدى استقبال اللاجئين. لكن من تشيرين إليهم الآن هم مجموعة مختلفة تماماً موجودون في الصحراء الشرقية، وقد جاءوا من الرقة في شمال سوريا والحسكة، وإلى حد ما من الجنوب الشرقي.
ليز دوسيت: وهي مناطق تحت سيطرة ما يسمى بالدولة الإسلامية.
جلالة الملك عبدالله الثاني: نحن نسميهم عصابة داعش، وهي مناطق قريبة جداً من الحدود التركية. لماذا لم يعبروا الحدود التركية وجاءوا إلى الأردن؟ نحن نعلم يقيناً أن هناك عناصر من داعش داخل ذلك المخيم، ولذا فإنهم يخضعون لنظام تدقيق صارم وحازم. والأولوية للأطفال والنساء وكبار السن، وكل الحالات الصحية الملحة يسمح لها بالمرور حيث نقدم لهم العلاج، والبعض منهم يبقى في الأردن. ورغم أن المنطقة عسكرية، فإن حكومتنا وجيشنا والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية موجودة هناك، في تلك المخيمات، حيث توجد عيادة طبية، ونحن نحاول الاعتناء بهم.
ليز دوسيت: إذاً، ستسمحون لهم بالدخول؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: في هذه المرحلة، نسمح بالدخول لمن خضع للتدقيق الأمني فقط.
هناك ضغط من المجتمع الدولي للسماح لهم بالدخول، ولكن نحن نقول للجميع إن هذه قضية ذات بعد أمني وطني كبير بالنسبة لنا. بعض الناس يقولون: لماذا لا يتم السماح للنساء بالدخول؟ ولكن كما رأينا، فقد شاركت نساء في هجمات إرهابية في باريس وكاليفورنيا وفي جميع أنحاء العالم.
هذا الأمر هو خط أحمر بالنسبة لنا. لقد استضفنا 4ر1 مليون شخص، وإن أردتم المزاودة علينا في هذه القضية، فيسرنا أن ننقل هذه المجموعة، الذين تقولون أنهم مجرد 16 ألف لاجئ، إلى دولكم! وبالنظر إلى عدد من نستضيفهم في بلدنا، فإن كنتم ترغبون في المساعدة في حل مشكلة اللاجئين، فلا مشكلة إذن أن تستضيفوا 16 ألف لاجئ عندكم، ولا أعتقد أن هذه مشكلة كبيرة بالنسبة لكم!
ليز دوسيت: هل قبلت أية دولة بعرضكم؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: بالطبع لا.
ليز دوسيت: ولكن ماذا إن لم يفعلوا، فأوروبا تقول لكم نحن لا نريد المزيد من اللاجئين. وكنت تقول أنك لا تريد المزيد من اللاجئين، فأين سيذهبون؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: سوف نستمر في عملية التدقيق الأمني على الحدود، وسوف نسمح بدخولهم بأعداد محدودة. وسنواصل الاعتناء بهم على الجانب الآخر، وسوف نستمر في عملية التدقيق. سيستغرق الأمر وقتا لأننا لا نستطيع تحمل تبعات مخاطر إرهابية جراء عدم التدقيق الأمني. لم يتركوا وحدهم، فنحن نعتني بهم إلى جانب المجتمع الدولي، ونحن نبذل أفضل ما في وسعنا لخدمتهم في مخيماتهم، ولكن هناك مخاطر على أمننا، وعلينا أخذ ذلك في الحسبان.
ونقول لأولئك الذين يجلسون مرتاحين ويزاودون علينا: إذا كنتم تريدون أن تأخذوهم، سوف نساعدكم على ذلك. وأنا لا أرى أي مبرر لتذمرهم، فلسان حالهم يقول: اسمع كلامنا ولا تنظر إلى أفعالنا!
ليز دوسيت: ما هو حجم الخطر على الأردن؟ لقد حذر رئيس وزرائكم من خلايا نائمة لداعش.
جلالة الملك عبدالله الثاني: ومثال ذلك مجموعة اللاجئين الذين أشرت لهم. لقد اعتقلنا الكثير من الذين عبروا الحدود خلال السنوات الماضية ممن يرتبطون بعصابة داعش وغيرها من التنظيمات. لذا فإن ممارسة الضغط علينا لنتجاهل ذلك، ونسمح بدخول اللاجئين لمجرد أنهم يقولون إن علينا فعل ذلك، وبالتالي تعريض مجتمعنا لأخطار إرهابية محتملة، يدفعنا إلى أن نكون حازمين ومتمسكين بموقفنا، خصوصا عندما يكون 20 بالمئة من سكاننا من اللاجئين. ما فعلناه وتحملناه يفوق ما فعله وتحمله أي طرف آخر. ولذا فليس من الإنصاف أن يلومنا البعض على هذه الإجراءات.
ليز دوسيت: هل تخشى أن يؤدي عدم توفير فرص عمل للأردنيين إلى تأثر الساخطين من الشباب بالتطرف؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: لقد قلت سابقا، وفي مناسبات عديدة، إن ما يؤرقني ليس الوضع السياسي أو العسكري، لأننا أقوياء ومتحدون، ونعرف عدونا. لكن الشباب الأردني، الذي يبحث عن فرص العمل، يشعر بالإحباط. وإذا لم نتمكن من إعطائهم الفرصة، ستبرز مشكلة حقيقية. ولهذا، سنذهب إلى مؤتمر لندن، ولسان حالنا يقول: إنه فعلا مؤتمر للاجئين، ولكنه أيضا فرصة لمستقبل شبابنا الأردني.
ليز دوسيت: ومع ذلك يعلم جلالتكم أن الحل الحقيقي للأمر هو وضع حد للحرب في سوريا عبر حل سياسي، وهو أمر لا يلوح في الأفق.
جلالة الملك عبدالله الثاني: للمرة الأولى، ورغم كل الصعاب، فإننا نرى أملا في جنيف ومحادثات فيينا. البديل، كما تقولين، هو فقدان الأمل. مازالت مؤسسات الدولة تعمل في سوريا، ولكن إلى متى؟ فبمجرد أن تنهار هذه المؤسسات، لن يكون هناك مقدرة على حكم سوريا، والتواصل مع الناس، وسوف تزداد معاناة السوريين، وسوف تواجهنا جميعا المزيد من مشاكل اللاجئين، في أوروبا، وفي المنطقة، وستكون المنظمات الإرهابية هي الرابح. لذلك فإن الأمل الوحيد الذي لدينا يكمن في هذه المحادثات.
ليز دوسيت: هل سيغير التدخل الروسي قواعد اللعبة؟ من الواضح أنهم يسعون لدعم بشار الأسد.
جلالة الملك عبدالله الثاني: لقد تغير الواقع فعلا، الذي ظل، ولمدة ست سنوات على حاله إلى حد كبير.
ليز دوسيت: لكن ما الذي تغير؟ الناس يقولون إن القصف لا يستهدف داعش في المقام الأول، بل قوى المعارضة، وبعض منها تدعمها حكومتكم والغرب.
جلالة الملك عبدالله الثاني: لن أدخل في تفاصيل ما قيل ويقال، لأن ذلك لا يفيد في هذه المرحلة.
ليز دوسيت: لكن هذا هو الواقع. إنهم يقصفون في جنوب سوريا، وبالقرب من حدودكم.
جلالة الملك عبدالله الثاني: كان هناك فعلا وقف أولي لإطلاق النار، لكن تم خرقه، ونأمل بتجديده. ورغم كل ذلك، فإن التدخل الروسي قد حفز جميع الأطراف للذهاب إلى محادثات السلام لأنه إن لم نفعل ذلك، سيتطور الوضع إلى حالة أكثر فوضوية في سوريا.
من هنا جاءت المحادثات التي بدأت في جنيف، وأعتقد أن السؤال في نهاية المطاف هو: هل يمكن أن نتخلص من المنظور الغربي - الشرقي القائم على عقلية الحرب الباردة القديمة؟ هل يمكن أن تنظر واشنطن وموسكو إلى المستقبل وتتفهمان أننا نتعامل مع خطر أسوأ من الحرب الباردة؟ إننا نتعامل مع الخوارج، أي الخارجين عن الإسلام، وهذا هو الخطر الذي يهدد العالم. آمل أن تفتح مفاوضات فيينا عيون جميع الأطراف ليدركوا الأرضية المشتركة بينهم. إذا قدر لهذا أن يحدث، فإنه يمكن التوصل إلى حل سياسي حول سوريا. هذا هو الشيء الوحيد الذي يبشر بالأمل في هذه المرحلة. وإن لم يتحقق ذلك، فإن البنية التحتية للدولة سوف تنهار، وستكون كارثة على الشعب السوري، وسوف يربح المتطرفون الأشرار للأسف.
ليز دوسيت: أخيرا جلالتكم. مضت سنة منذ أن قامت داعش بأسر أحد طياريكم وإحراقه بوحشية، ما سبب صدمة وغضبا كبيرين. لقد كنت غاضبا جدا، وكنت على استعداد لقيادة طائرة حربية بنفسك فوق سوريا. مضت سنة على كل ذلك. هل تشعر أن المجتمع الدولي قد فشل في استهداف ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: كان يمكننا أن نفعل خلال العام الماضي أكثر بكثير مما فعلنا. وأعتقد، متحدثا عن نفسي وعن القوات المسلحة الأردنية، أننا أردنا أن نفعل أكثر وأكثر.
ليز دوسيت: ما الذي كنتم تريدون القيام به؟ ما هي الفرص الضائعة؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: القضاء على العدو.
ليز دوسيت: ماذا تعني بذلك؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: رغم كل شيء، أعتقد أن وجود الروس في سوريا، عندما وصفته بأنه قد غير واقع الأحداث، حفز جميع الأطراف لمحاولة حل المشكلة بالفعل.
لن أدخل في تفاصيل الخلافات في جنيف أو فيينا. يجب التفاهم على الأولويات: هل النظام هو المشكلة أم داعش؟
ليز دوسيت: برأيك؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: بالنسبة لي، وبالنسبة للمسلمين، فإن الخوارج يشكلون تهديدا عالميا.
ليز دوسيت: الخوارج هو ما تصفون به ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية.
جلالة الملك عبدالله الثاني: نأمل أن تسمح لنا المناقشات والحوارات بإيجاد عملية سياسية في سوريا، حتى نتمكن، كمسلمين ومسيحيين ويهود وأتباع للديانات الأخرى، من أن نتحد حول هدف مشترك ضد هؤلاء الخوارج لأنهم هم العدو أينما كانوا، سواء في سوريا أو العراق أو شرق أو غرب إفريقيا، أو في ليبيا أو أي مكان آخر في العالم. وكلما أسرع المجتمع الدولي في إدراك ذلك، أصبح العالم مكانا أفضل.
ليز دوسيت: صاحب الجلالة، شكرا جزيلا لك.