مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع مجلة نيوزويك الأميركية
تحدث الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية، في البتراء، مع مندوبة مجلة "نيوزويك" لالي وايموث في الأسبوع الماضي، حول الأوضاع في ذلك الجزء من العالم الذي يعيش فيه. وأكد الحاجة إلى تسوية للقضية الفلسطينية، وأفاد بأن إيران لم تعد تلك المشكلة الكبيرة بالنسبة لبلده.
وفي الواقع، بدا إلى حد ما مثل باراك أوباما في إيمانه بالحاجة إلى الحوار مع إيران - البلد الذي وصفه في الماضي على أنه يشكل تهديداً رئيسياً. وتاليا مقتطفات من حديث الملك:
نيوزويك: هل يعتبر اتفاق أنابوليس ميتاً؟
جلالة الملك: أنا في الواقع قلق جداً.. وأعتقد أن العملية السلمية فقدت مصداقيتها في أذهان الناس في هذه المنطقة.. ونحن جميعاً متشائمون جداً في هذه المرحلة.
نيوزويك: هل ترى في إيران التهديد رقم واحد في هذه المنطقة؟
جلالة الملك: أعتقد أن عدم تحقيق السلام هو التهديد الرئيسي. ولا أرى أن هناك إمكانية لخلق حل يقوم على إيجاد دولتين بعد انتهاء عام 2008، وعام 2009. وأعتقد أن هذه فعلاً هي الفرصة الأخيرة.. وأنا قلق جداً لأن الوقت يمر وأن ذلك الباب سيُغلق في وجوهنا جميعاً.
نيوزويك: ولكن ألست قلقاً حول إيران؟
جلالة الملك: إيران تشكل قضية لبعض الدول، مع أنني لاحظت خلال الشهر الماضي أو ما يقارب ذلك أن الديناميكيات تغيرت بصورة دراماتيكية. ولأول مرة أعتقد أن إيران ليست ذلك التهديد الداهم. ولكن إذا لم تتحرك عملية السلام إلى الأمام، فعندها أعتقد أن التطرف سيستمر في التقدم.
وعندما يتعلق الأمر بإيران، فأنا أدعم بصورة تامة ما أراه في أوروبا والغرب- من أناس يرغبون في الانخراط.
نيوزويك: هناك بعض المرشحين في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية يدعون إلى الحوار مع إيران.
جلالة الملك: نحن كبلد ومنطقة يدعمان الحوار في مواجهة النزاع. وإذا كان هناك نزاع، مع إيران، فلست متأكداً تماماً إلى أين سيقودنا هذا. أعتقد أنكم تتلاعبون بصندوق "باندورا"... وأعتقد أننا مررنا بما يكفي من الأزمات في هذا الجزء من العالم.
نيوزويك: هل تشعر أنك كنت مخلصاً أكثر من اللازم للرئيس بوش، وأنك راهنت عليه وعلى الأميركيين أكثر مما يجب؟
جلالة الملك: أعتقد أنه منذ اليوم الأول، كنت أنا والرئيس في منتهى الأمانة ومنتهى الصراحة حول القضايا الإقليمية، وقد عبرت دائماً عن آرائي حول البلدان المختلفة التي تحيط بنا وكيف يتوجب علينا التواصل معهم. إن النصيحة تساوي ما تدفعه مقابلها في نهاية المطاف.
نيوزويك: كيف ترى الأمور في العراق اليوم؟
جلالة الملك: أنا فعلاً متفائل لأول مرة حول العراق. وأعتقد أن المجتمع العراقي يتحرك في الاتجاه الصحيح. وهي المرة الأولى التي أشعر فيها أن العراقيين تمكنوا، إلى أقصى درجة ممكنة، من توثيق العُرى بينهم وصولاً إلى الوحدة. لقد عملوا معاً - أكراداً، وشيعةً، وسنة - لتحسين أوضاع العراق في الشهرين الأخيرين. وها هي فرصة تلوح للدول العربية للتواصل مع العراق، وهو ما لم نفعله في الماضي، ولمد يد الصداقة للعراقيين وتقديم الدعم الذي يحتاجون إليه لتحقيق الخطوة التالية. وإذا لم نقم بذلك، فسيكون في هذا خسارة للعراقيين وللعرب المعتدلين.
نيوزويك: في داخل الأردن، تبدو الأمور صعبة الآن نتيجة لغلاء أسعار الغذاء والسلع الأخرى.
جلالة الملك: أعتقد أن الحال هو (نفسه) في جميع أرجاء العالم. وسنواجه مشكلة رئيسية فيما يتعلق بالأسعار التي تواصل الارتفاع وهموم الغذاء، على مدى السنتين القادمتين. لقد شكلت أسعار النفط صدمة كبيرة. والأمور في الصيف أسهل، ولكن عندما يحل الشتاء فإن قضية التدفئة ستكون مشكلة رئيسية. إننا نسعى لتوفير أشكال بديلة للطاقة. وننظر في الحصول على الطاقة النووية.
نيوزويك: لقد رأيت التصريح الذي ورد على لسانك لصحيفة هآرتس، والذي تقول فيه "إن الجميع يتجهون إلى الحصول على برامج نووية" في الشرق الأوسط.
جلالة الملك: لقد قلت ذلك من قبل في الولايات المتحدة الأميركية، ولكن عندما صرحت به لصحيفة هآرتس، غدا خبر الساعة - إذ أعلنت أن الأردن يتجه إلى أن يصبح دولة نووية!
نيوزويك: يقال إن المملكة العربية السعودية وتركيا تقومان ببناء مفاعلات نووية.
جلالة الملك: إنهما لا تواجهان ما نواجهه من ضغوطات في مجال الطاقة، ولذلك ستكون المسيرة بالنسبة لنا أسرع كثيراً. وربما سنكون أول بلد في هذا الجزء من العالم الذي نعيش فيه، يقوم فعلاً بالسعي للحصول على الطاقة النووية من خلال القطاع الخاص.
نيوزويك: إنني أذكر أنك حذرت قبل نحو عامين من الخطر الذي تمثله إيران على الأنظمة العربية المعتدلة. أليست إيران وسوريا أكبر فائزين اليوم في هذه المنطقة؟
جلالة الملك: إذا ما نظرنا إلى ما حدث في لبنان قبل شهرين (عندما استهدف حزب الله القوات الحكومية في حرب شوارع للحصول على تنازلات سياسية رئيسية)، فأعتقد أن المفهوم هنا هو أن إيران ووكلاءها فازوا بتلك الجولة. وعلينا أن نكون حذرين تجاه ما يحدث في الجولة الثانية. ومرة أخرى، هذا هو سبب اهتمامي وقلقي الشديدين تجاه العملية السلمية.
نيوزويك: لمَ لم ينهض أحد لمساعدة حكومة لبنان؟ لقد عملت الولايات المتحدة وفرنسا بصورة وثيقة جداً في الشأن اللبناني.
جلالة الملك: إنني أشعر بالصدمة والدهشة مثلما تشعرين بهما. والجزء المحزن في الأمر هو أن علينا أن نتوخى الحذر الشديد. فعدم وجود عملية سلمية يؤثر على مصداقية أمريكا في هذا الجزء من العالم. وإذا لم نحرز فعلاً بعض المكاسب على الأرض، فإن النفوذ والتأثير الأميركيين سيتقلصان بصورة دراماتيكية.
نيوزويك: يصعب علينا أن نتصور إمكانية تحرككم إلى الأمام وحماس تطلق الصواريخ على إسرائيل كل يوم.
جلالة الملك: ما قلته في آخر زيارة لي إلى الولايات المتحدة الأميركية هو أن حماس تبرز دائماً كقضية. ولكننا لا ننظر إلا إلى نصف المعادلة فقط. فالكل يسارع إلى الحديث عن كيفية عزل حماس، ولكن ليس هناك نقاش كاف عن كيفية دعم فتح. كيف يتسنى لنا أن نقوي الجانب الآخر؟
نيوزويك: هل أنت مستعد للعيش مع إيران نووية؟
جلالة الملك: أعتقد أن عليكم بحث هذا الأمر مع الإيرانيين، فأي ضربة عسكرية لإيران اليوم لن ينتج عنها إلا إحداث رد فعل من إيران ووكلاء إيران، ولا أعتقد أنه يمكننا العيش مع المزيد من النزاعات في هذا الجزء من العالم.