مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع شبكة الـ سي. إن. إن.
سي. إن. إن.: صاحب الجلالة.. أشكركم على الانضمام إلينا... اسمح لي أن ابدأ بأخبار الشرق الأوسط في الأسبوع الماضي؛ وتحديدا بالقصف الإسرائيلي لغزة... كما هو الحال دائما.
جلالة الملك: الوضع القائم محبط جدا لنا جميعا؛ ويعني هذا ان علينا تجديد الجهد لدفع العملية قدما. ما نأمل أن نفعله في واشنطن هو ان نضيف لسلسلة من الزيارات لندفع "الرباعية" في الاتجاه الصحيح؛ وبالتالي إحداث سلسلة من الوقائع التي نأمل ان تؤدي بدورها إلى عقد مؤتمر دولي في وقت لاحق هذا العام.
سي. إن. إن.: عندما تشير الى "الرباعية" فأنت تعني الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، بصورة خاصة هناك اقتراح مفاده ان الأردن قد يكون له دور مباشر ربما في مساعدة السلطة الفلسطينية لتضع أسسا لقوات أمن تكون أكثر فعالية؛ هل الأردن مستعد لإرسال بعض الخبراء للضفة الغربية؟
جلالة الملك: اعتقد ان تدخلنا في الشأن الفلسطيني أمر مقلق بالنسبة لنا، شعرنا دوما انه على الفلسطينيين اتخاذ قرار كيفية التحرك وكيفية بناء مجتمع الشفافية. من الواضح ان علاقتنا مع الفلسطينيين والإسرائيليين ستضعنا في موقع يمكننا من تحريك العملية قدما؛ لم يتلق الأردن أي طلب محدد للقيام بأي شيء في الضفة الغربية؛ وسنكون حذرين جدا من اي انخراط مباشر في الضفة الغربية كي لا نرسل إشارات خاطئة.
سي. إن. إن.: هناك اقتراح في امكانية تقديم الأردن المساعدة للفلسطينيين في تدريب قوات الامن الفلسطينية في الضفة الغربية؛ وانه بامكان المصريين تدريب قوات الأمن الفلسطينية في غزة لكن حسبما تقولون جلالتكم ان هذا امر لم يبرز جديا؟
جلالة الملك: لقد برز هذا الأمر قبل عدة أعوام عندما تولت السلطة الفلسطينية مهامها في الضفة الغربية بعد اتفاق اوسلو، طلب منا تدريب وحدات عسكرية فلسطينية متمركزة في عدة عواصم عربية؛ قوات بدر الاسم الذي نطلقه عليها، لدينا وحدة عسكرية في الأردن؛ في تلك الايام كنت قائدا في القوات الخاصة وقد دربنا فعليا تلك الوحدة كقوات شرطية لتدخل الضفة الغربية؛ لكن الرئيس عرفات في تلك الأيام قرر عدم استخدامها.
سي. إن. إن.:منذ ألقى الرئيس بوش كلمته التي قال فيها ان الفلسطينيين بحاجة لقيادة جديدة؛ أي قيادة لا تضم ياسر عرفات ما هو الوضع الآن، هل هذا ممكن بأية صورة؟ أي أن يختار الفلسطينيون قيادة جديدة؟
جلالة الملك: اذا قرر الفلسطينيون اختيار قيادة جديدة فذلك شأنهم؛ اعتقد انه من سوء الحظ التورط من الخارج في محاولة اتخاذ قرار حول قادة الدول الاخرى. اعتقد ان الفلسطينيين يدركون ان هذه الفرصة هي الاخيرة لهم كي يختاروا مستقبلهم. أعني دولة فلسطينية قابلة للحياة ـ كما قال الرئيس ـ في غضون ثلاثة اعوام؛ يريدون مجتمعا شفافا وكفؤا واعتقد ان علينا ان نترك الامر لهم للتحرك في هذا الاتجاه . لكن الطريقة الوحيدة التي تضمن حدوث هذا هي بان نشجعهم بوجود هدف في نهاية هذه الطريق الشاقة وهو تحقيق السلام والازدهار في الشرق الاوسط.
سي. إن. إن.: الرئيس السابق بيل كلنتون الذي كما تعلمون كان نشطا للغاية في جلب نوع من السلام للمنطقة؛ وقد تحدث عن هذا أخيرا؛ ارجو ان تستمعوا لما قاله حول ياسر عرفات بالذات..
كلنتون: قد يجد عرفات طريقة يشارك فيها بالسلطة تكون مقبولة ليس للأميركيين وحدهم ولكن للإسرائيليين أيضا؛ وهو لم يعد شابا؛ ومن الصعب المحافظة على مستوى معين في التركيز والجهد اللذين يتطلبهما انجاز المهام كل يوم...
سي. إن. إن.: هل الرئيس السابق متفائل اكثر من اللازم بان ياسر عرفات قد يتنحى قليلا ويفوض السلطة للآخرين؟
جلالة الملك: عليكم ان تدركوا انه في داخل المجتمع الفلسطيني تدور نقاشات حول مدى الشفافية التي ينشدونها؛ وشكل الحكومة الفعال الذي يأملون ان يؤسس لدولتهم الفلسطينية؛ لذا هناك نقاش دائم وقائم وبصورة فلسفية حول الدور الذي يجب ان يضطلع به عرفات وهو في وضع صعب مع شعبه. لكن في نهاية المطاف.. اعتقد ان القضية شأن فلسطيني اي القرار بشأن مستقبل عرفات مع شعبه؛ وما اذا كان عرفات يعتقد ان بإمكانه تحقيق اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة لهم. اننا نتدخل اكثر بكثير مما يجب في اتخاذ قرار مستقبل الفلسطينيين، في نهاية المطاف ذلك هو مسئوليتهم وحدهم.
سي. إن. إن.: أود ان اعرض امام مشاهدينا في العالم خريطة للمنطقة التي تضم العراق؛ كما ترون العراق هنا في الوسط في جوار الأردن تماما، دارت تكهنات بين المخططين العسكريين الذين يقولون ان أميركا ستغزو أو تبدأ حملتها العسكرية وقد تكون الكويت مكانا لانطلاقها او تركيا او السعودية او الأردن ايضا . هل دار نقاش بين أميركا والأردن حول استخدام الأردن قاعدة فيما يتعلق بالعراق؟
جلالة الملك: لا لم يحدث هذا؛ بل في واقع الامر تحدثت في الاسبوع الماضي مع مسؤولين أميركيين اعتذروا عن بعض التصريحات التي اوردتها الصحف الأميركية والانجليزية التي المحت الى تجمع للقوات الأميركية في الأردن وهذا لم ولن يحدث ابدا؛ ونقوم بمناورات متعددة الجنسيات مع قوات الناتو والقوات الأميركية والعربية؛ وقد قمنا بهذا طيلة عقود وسنستمر في ذلك لكن لا يوجد قوات أميركية متمركزة في الأردن؛ وتلقينا اعتذارا من مسؤولين أميركيين الذين وصفوا الامر لي على انه قد يتعلق باحد صغار الضباط في وزارة الدفاع الأميركية الذي ربما حاول اثارة اعجاب صديقته؛ واراد اختلاق قصة فحواها ان هناك شيئا ما يعرفه؛ واشار الى الأردن، لكن لا توجد قوات أميركية في الأردن.
سي. إن. إن.: من اجل التحديد يا صاحب الجلالة عندما تقابلون الرئيس بوش في الايام القادمة هل ستحاولون ثنيه عن القيام بإجراء عسكري ضد صدام حسين؟
جلالة الملك: أؤكد مرة أخرى اننا واضحون جدا في موقفنا؛ لقد شعرنا على الدوام بان الحوار هو افضل السبل في معالجة قضية العراق ومحاولة اعادته الى المجتمع الدولي؛ وكثيرا ما تخوفنا من ان استخدام القوة قد يثير كما هائلا من عدم الاستقرار في الشرق الاوسط، وبخاصة في ضوء عدم التحرك الفلسطيني ـ الاسرائيلي بالطريقة التي نريد عندما نذهب الى واشنطن لن نبحث المسألة العراقية ستكون مباحثاتنا على صعيدين: تحريك العملية الفلسطينية - الاسرائيلية قدما؛ والعمل مع "الرباعية" آملين ان نتوصل لعقد مؤتمر دولي؛ والجزء الثاني من الزيارة سيكون لشرح المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني التي يمرون فيها حاليا. هناك ازمة إنسانية هائلة في الضفة الغربية؛ وقطاع غزة؛ وعلينا ان نعثر على آلية مالية لنتمكن من تخفيف حدة الإحباط الاجتماعي والاقتصادي الذي يعاني منه الفلسطينيون في هذا الوقت تحديدا.
سي. إن. إن.: لم يعد امامنا سوى بضع لحظات صاحب الجلالة لكن كثيرين منا الذين عرفوا واعجبوا بالمغفور له والدكم الملك الحسين يتطلعون اليوم اليكم ويتساءلون هل ستسيرون على خطاه؟ أي الى حد الانهماك الشخصي في جلب السلام الى المنطقة؟
جلالة الملك: من الواضح ان هذا شيئا ورثناه عن المغفور له الملك الحسين لأنه كان يعرف ان جلب الاستقرار لجيراننا يجلبه لنا ايضا واذا كنا سنتمكن نحن في الشرق الاوسط عربا واسرائيليين واية شعوب اخرى في المنطقة من التحرك قدما علينا التوصل لحلول واقعية للمشاكل القائمة؛ لذا، أجل وعلى الرغم من كون اولويتي هي تقدم شعبي وتحسين حياتهم؛ فمن المؤكد اننا سنبذل جهدا كبيرا في محاولة اقناع جيراننا في حل خلافاتهم لان هذا يتيح لنا جميعا فرصة في المستقبل.
سي. إن. إن.: صاحب الجلالة.. نشكر لكم انضمامكم لنا... حظا طيبا في زيارتكم القادمة للولايات المتحدة؛ ونأمل ان نراكم هنا في واشنطن ايضا.
جلالة الملك: اشكرك...