رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري حول لجنة الحوار الوطني التي من شأنها وضع الأطر لقيادة عملية حوار سياسي يعزز مسيرة الإنجاز والاستقرار بالإضافة إلى الوصول إلى صيغة لقانون انتخاب ديمقراطي
بسم الله الرحمن الرحيم
دولة الأخ طاهر المصري حفظه الله،
رئيس مجلس الأعيان،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
فيسرنا أن نبعث إليك بتحية ملؤها التقدير والاحترام، وأنت الذي عهدناك مخلصا وأمينا في ترجمة رؤيتنا لتقدم مسيرتنا الوطنية، والنهوض بآمال شعبنا في الإصلاح والتحديث، وصولا إلى النموذج الوطني الأردني المرتكز إلى قواعد التعددية والحرية والعدالة والمساواة.
وإننا إذ نبارك لك توليك رئاسة لجنة الحوار الوطني، ونتمنى لزملائك التوفيق في حواراتهم الوطنية الهادفة، لنأمل لكم النجاح في وضع الأطر لقيادة عملية حوار سياسي يعزز مسيرة الإنجاز والاستقرار والبناء على المكتسبات، مؤكدين دعمنا لكم في مسعاكم للخروج بتوصيات عملية تبني على الجهود الإصلاحية التي رعيناها على مدار العقد الماضي.
وإننا إذ نؤكد ثقتنا بك وبزملائك أعضاء اللجنة في قيادة الحوار لما فيه خير الأردن، لندعوكم أن تضعوا نصب أعينكم الوصول إلى صيغة لقانون انتخاب ديمقراطي، يقود إلى إفراز مجلس نيابي يمثل كل الأردنيين، ويضطلع بدور رائد في تكريس العدالة والنزاهة والشفافية وسيادة القانون، ممارسة سياسية عملية.
كما نعوّل على جهودكم في الوصول إلى قانون انتخابي يصنع بأداء أعضائه نقلة نوعية في العمل النيابي وهو عماد حياتنا السياسية، ليترسخ البرلمان في يقين الجميع منبرا تشريعيا ورقابيا يعبر عن صوت كل أردني وأردنية، ويساهم في تجذير ثقافة تكافؤ وعدالة الفرص ويتصدى للواسطة والمحسوبية، ويلعب دورا مؤسسيا فاعلا في مكافحة الفساد، والرقابة على الحكومات، محرزا بذلك تطورا جوهريا وملموسا في أدائنا السياسي.
كما نأمل أن ينال قانون الأحزاب عميق اجتهادكم للوصول إلى تشريع يثري التعددية السياسية والحزبية القائمة، ويكرسها نهجا راسخا، يمكّن القوى السياسية الفاعلة كافة من المشاركة في العملية الديمقراطية وصناعة القرار، عبر أحزاب ذات برامج تعبّر عن طموحات المواطنين وتستجيب لمتطلباتهم، خاصة فئة الشباب منهم.
وفي ضوء حجم المسؤولية الوطنية التي تضطلعون بها، فإننا نؤكد على أهمية أن تكون جهودكم الحثيثة للوصول إلى صيغة وطنية توافقية لهذين القانونين الرئيسيين، محكومة بإطار زمني قصير المدى لا يتجاوز ثلاثة أشهر، تأكيدا للسرعة والجدية في مراجعة أهم قانونين ناظمين للعمل السياسي، وهما المدخل لعملية الإصلاح السياسي الشامل الذي بنينا عليها آمالنا بأردن رائد يتقدم ميادين الإصلاح في المنطقة.
إن التوافق الوطني يستدعي مبادرتكم للاستئناس بآراء ذوي الخبرات الوطنية المشهود لهم في مجال التشريع والعمل العام وإدارة الدولة، حرصا على إشراك قاعدة واسعة من المواطنين والممثلين للتوجهات السياسية المختلفة في صياغة القوانين التي تعزز مسيرة الديمقراطية في الأردن.
وندعو المولى عز وجل أن يكون النجاح نصيركم، وسداد الرأي حليفكم، ومصلحة الوطن نبراسكم.
والله ولي التوفيق،
أخوكم عبدالله الثاني ابن الحسين